حينما تباع حرية الوطن بحفنة مقاعد في البرلمان

اضغط للتكبير لافتات ودعاية لانتخابات سابقة

• احفظ الخبر
  
• اطبع
  
• أضف تعليق
  
• ارسل
  

9/22/2010 4:40:00 PM
بقلم احمد الليثي

"عايزين معارضة حقيقية الانتخابات الجاية مسرحية"، رفع شاب لافتة تحمل هذه العبارة في مظاهرة لقوى المعارضة وسط القاهرة كرد على أحزاب المعارضة التي قبلت المشاركة في مسرحية الانتخابات القادمة وأضاعت فرصة قد لا تتكرر مرة أخرى للضغط على نظام يمر بأضعف حالاته ويتعرض لسخط شعبي غير مسبوق.للأسف، باعت هذه الأحزاب أحلام الملايين في انتزاع حقوقنا السياسية وتحقيق ديمقراطية حقيقية في مصر مقابل حفنة مقاعد مزورة وكاذبة في البرلمان.قبلت أحزاب المعارضة عقد صفقة مع النظام يتم بموجبها تقسيم مقاعد الإخوان المسلمين في مجلس الشعب على أحزاب المعارضة رغم يقينهم أن هذا النظام هو المتسبب في تفشي الفقر والفساد والظلم في البلاد.ولا اعتقد أني أبالغ إذا قلت أن هذا القرار سيحدد وبشكل كبير مستقبل مصر لأعوام طويلة قادمة قد تصل إلى الثلاثين عاما.وأجهض حزب الوفد بنفسه - سريعا - تجربته الديمقراطية التي شهدناها منذ أشهر قليلة والتي ضرب فيها مثلا على تداول القيادة بأسلوب ديمقراطي حضاري شجع الكثيرين على الانضمام للحزب، لكن سرعان ما أضاع كل هذا بقراره الموافقة على خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة رغم تأكده من أنها ستكون مزورة بعدما ظهرت التجاوزات السافرة والفاجرة للحكومة في انتخابات المحليات عام 2008 وانتخابات مجلس الشورى هذا العام واللتين شهدتا تطبق التعديل الدستوري الجديد بإلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات وتحكم رجال الحزب الوطني في اللجان ومنع الشرطة للناخبين من الإدلاء بأصواتهم في كثير من اللجان.

كما قام الموظفون "عباد المأمور" - وما أكثرهم في بلدنا - بوضع العراقيل أمام المرشحين من الإخوان المسلمين والمعارضة لمنعهم من سحب أوراق الترشيح وخوض الانتخابات ومن نجح منهم - وهم قلة - في التغلب على هذا التعنت تم منع مؤيديه من الوصول للجان، وكانت النتيجة انه لم يفز احد خارج الحزب الوطني إلا من أراد النظام له أن يفز.

ويعلم قادة المعارضة علم اليقين أن الانتخابات القادمة لن تختلف عن سابقتها، إن لم تكن أسوأ، لكنهم قبلوا أن يشاركوا في هذه المهزلة من اجل تقاسم مقاعد الإخوان في مسرحية قميئة تكاد تصيب بالغثيان، لأنهم يعرفون حجمهم الحقيقي في الشارع وأنهم مجتمعين لم يحصلوا سوى على بضع مقاعد في المجلس السابق.والتقت رغبة الطرفان، النظام والمعارضة، فالنظام يريد التخلص من صداع الإخوان وإيجاد برلمان خالٍ من نواب الجماعة، لكنه لا يخلو من معارضة مستأنسة "لزوم" الديكور، ليمرر هذا المجلس الوديع أي تعديلات دستورية آو أي انتقال للسلطة يريده النظام.وبالطبع يتطلب الأمر انتخابات صورية ليوهم الناس في الداخل والخارج بأنه نظام ديمقراطي وله شعبية وأرضية جماهيرية، وطبعا أتوبيسات الهيئات الحكومية ومصانع رجال الأعمال من الحزب والوطني جاهزة لشحن الناس على اللجان والتعليمات الأمنية بأن "اللي مش هاينتخب هيتبهدل"، والتقارير الإعلامية في التليفزيون الحكومي والصحف الحكومية مستعدة بالصور التعبيرية لنقل الزحف الجماهير المجيد نحو لجان الاقتراع، ومقالات رؤساء التحرير جاهزة منذ الآن للحديث عن نزاهة الانتخابات وحيادية أجهزة الأمن والإشراف المحكم من اللجنة العامة المستقلة.

أما أحزاب الوفد والتجمع والناصري وهي أحزاب المعارضة الرئيسية - ولا اعلم من أين جاءت بهذا الادعاء حيث لا تتمتع بأي قاعدة جماهيرية أو تواجد في الشارع – فبدلا من الوقوف صفا واحد مع باقي قوى المعارضة كتكتل واحد ومقاطعة الانتخابات طالما ظلت بلا أي ضمانات تضمن نزاهتها، فضلت مصالحها الشخصية واختارت تقاسم تركة الإخوان فيما بينهم، فهذا الحزب يأخذ 20 مقعدا و15 للثاني و12 للثالث، وبالطبع لن تنسى الحكومة أصدقاءها الصغار مثل أحزاب الجيل والخضر وشباب مصر بمقعدين آو ثلاثة لكل حزب صديق كمكافأة على حسن تعاونه في المواقف السابقة.واختار حزب "الوفد" المشاركة حتى لا يفوت فرصة مضمونة – ولكنها مزيفة - لزعامة المعارضة في البرلمان الجديد على حساب تركة "الإخوان" المتمثلة في 88 مقعداً، والتي تعهد صفوت الشريف الأمين العام للحزب الحاكم بأنها نتيجة لن تتكرر في الانتخابات المقبلة.

وتقول الإخوان إنهم لا يستطيعوا مقاطعة الانتخابات وحدهم دون وجود إجماع من المعارضة على ذلك حتى تحقق المقاطعة النتائج المرجو منها من ضغط على النظام وإظهار أرضيته المحدودة وحتى لا يتهموا بأنهم خافوا من خوض الانتخابات بسبب رفض المجتمع لهم وفشل تجربتهم البرلمانية الأخيرة، كما يقول الإعلام الحكومي.

كما اخطأ البرادعي وحزب الغد حينما تسرعا بإعلان المقاطعة دون تنسيق مع باقي قوى المعارضة.وهكذا، تضيع مصر بين نظام متمسك بالسلطة حتى الرمق الأخير ويختار معارضيه، وبين أحزاب معارضة تبحث عن مصلحتها الضيقة، ومستعدة للمشاركة في التزوير بخوض انتخابات تعلم مسبقا انه سيتم تزويرها، وأصبح مجلس الشعب بالتعيين رسميا... لك الله يا مصر.